المجلس الحادي عشر
تيسير علم المواريث
توطئة لميراثِ الزوجينِ
نتناول في هذا الفصل حقًا من الحقوق المالية التي ترتبط بالزوجية بعد الوفاة، وهو حق التوارث بين الزوجين، والزوجان من أصحاب الفروض السببية
وهي العلاقة بسبب أو الناشئة عن عقد زواج صحيح، فالمدار على قيام الزوجية بينهما بالعقد الصحيح وقت الوفاة ، حقيقة، أو حكمًا-المطلقة رجعيًّا-.
ـ توارث الزوجين يكون بين الزوج وزوجته التي بنى بها ، أو بينه وبين زوجته المعقود عليها فقط ولم يبن بها .
* مِن الحقوق المتعلقة بالتركة قبل توزيع الميراث " الصَّدَاق " .
- "الصُّلحُ جائزٌ بينَ المسلمينَ إلَّا صلحًا أحلَّ حرامًا ، أو حرَّم حلالًا . وقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : المسلمونَ على شروطِهم ".
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 3594 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح -الدرر السنية
*"أحقُّ الشروطِ أن توفوا به ما اسْتَحْلَلْتم به الفروجَ"الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : -البخاري المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2721 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
متى يجب الصداق كله ؟
* يجب " الصداق كله " بالموت سواء دخل بها أم لم يدخل بها إذا لم يكن أعطاه لها قبل الموت . أو لو اتفقا على خلاف ذلك.
فلا حرج لو كان العرف في هذا المؤخر في عائلتهم يُستحق عند الطلاق فقط ولا يستحق عند الموت المهم الوفاء بما اشترطوه .هنا
فإن مات الزوج بعد العقد وقبل الدخول فللمرأة المهر كاملاً: عن علقمة قال:
"أُتِيَ عبدُ اللَّهِ في امرأةٍ، تزوَّجَها رجُلٌ ثمَّ ماتَ عنها ، ولم يَفرِضْ لَها صداقًا ، ولم يَكُن دخلَ بِها ، قالَ : فاختَلفوا إليهِ ، فقالَ : أرى لَها مثلَ صداقِ نسائِها ، ولَها الميراثُ ، وعلَيها العدَّةُ فشَهِدَ معقلُ بنُ سنانٍ الأشجعيُّ : أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ قَضى في بَروَعَ بنتِ واشقٍ بمثلِ ما قَضى"
الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند- الصفحة أو الرقم: 1142 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ، رجاله رجال -الدرر السنية الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز/ كتاب النكاح /المكتبة الشاملة
فإذا توفي رجل وترك : زوجة ، وورثة آخرين . فإنها تأخذ أولاً صداقها المتأخر عنده ، ثم تُوَزَّع التركة على الورثة بما فيهم الزوجة .
- توفي وترك زوجة غير مدخولٍ، بها ولم تأخذ صداقها المسمى بينهما، وورثة آخرين.
للزوجة المعقود عليها فقط صداقها كاملاً ،ثـم تُـوَزَّع التركـة علـى الورثـة بمـا فيهـم الزوجـة .
وعلى هذه الزوجة المعقود عليها فقط العدة أربعة أشهر وعشرًا.
وهذا حكم المتوفى عنها زوجُها دون البناء بها ، أماالمطلقة عن عقد فقط ،فلها نصف صداقها، ولا عِدة عليها ، ولا ميراث لها لو توفي بعد طلاقها ولو بلحظة.
*فإذا توفي رجل وترك : زوجة مطلقة غيرمدخول بها ، وورثة ،فإنها تأخذ " نصف صداقها" فقط إذا لم يكن أعطاه لها قبل وفاته من باب سد الديون وليس من باب التوارث.ولا ميراث لها ، ولا عِدَّة عليها .
وتوزع باقي التركة على الورثة الشرعيين .
- وإذا توفيت امرأة ، وتركت : زوج ، وورثة آخرين . فإن الزوج يدفع أولاً الصداق المتأخر عنده ، ويضاف هذا الصداق للتركة ، ثم توزع التركة على الورثة بما فيهم الزوج .
* إرث الزوجين بعـد الطـلاق :
أولاً : في حالة الطلاق الرجعي :
يرث كل من الزوجين الآخر ، لو كانت الزوجة قد طُلقت " طلاقًا رجعيًّا " فـي حال صحة الزوج أو مرضه مرض الموت إذا حصل موت أحدهما قبل انتهاء العِدَّة ، وذلك لأن المطلقة رجعيًّا تعتبر في حكم الزوجة ، وللزوج الحق في مراجعتها دون إذنها ورضاها .
الأحكام الأساسية للمواريث - د.زكريا البرِّي / ص : 24 .
ثانيًا : في حالة الطلاق بثلاث :
إذا طلق الزوج زوجته الطلقة الثالثة ، فقد بانت منه ، ولا يرث أحدهما الآخر باتفاق ، سواء أكان المتوفى هو الزوج أو الزوجة ، لأن الطلاق البائن قد أنهى عقد الزواج بينهما بمجرد حصوله ، فلم يعد الزواج قائمًا لا حقيقةً ولا حكمًا ، وبقاء الزوجة في العِدَّة إنما هو للتعرف على براءة الرحم
الأحكام الأساسية للمواريث - د.زكريا البرِّي / ص : 25 / بتصرف .
وأمَّا المطلقة التي طلقها زوجها طلاقًا بائنًا وهو في مرض الموت - طلاق الفراش - فإذا مات الزوج في هذا المرض فإنها ترث من تركته حقها كاملًا مادامت أهلًا للميراث ومادامت عدتها لم تنقضِ .
وهذا " مذهب الحنفية " .
فقال الجمهور "الحنفية والمالكية والحنابلة": إنها ترثه، وقال الشافعي في الجديد: لا ترثه. واستدل الجمهور بالأثر والمعقول:أما الأثر: فإن عثمان رضي الله عنه ورَّث تَمَاضُر بِنْت الْأَصْبَغ الْكَلْبِيَّة من عبد الرحمن بن عوف، الذي كان قد طلقها في مرضه، فبتَّها، فَقَالَ : هِيَ طالق ألبتة لا أرجع لها "تاريخ دمشق لابن عساكر هنا .وكان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكر عليه أحد، فكان إجماعاً منهم. قال محمد بن سعد بن منيع الزهري صاحب كتاب الطبقات أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ ، قال:حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، " أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ تُمَاضِرَ بِنْتَ الأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ تَطْلِيقَةً ، وَكَانَتْ آخِرَ طَلاقِهَا "
الطبقات الكبرى لابن سعد، طَبَقَاتُ الْكُوفِيِّينَ ، تَسْمِيَةُ غَرَائِبِ نِسَاءِ الْعَرَبِ الْمُسْلِمَاتِ ... ، تُمَاضِرُ بِنْتُ الأَصْبَغِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ ...هنا
قال الشيخ العثيمين:
إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقا بائناً مثل أن يكون الطلقة الثالثة ، أو أعطت الزوج عوضًا ليطلقها ، أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة .
ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقا بائنا مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً بقصد حرمانها ، فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج ، فإن تزوجت فلا إرث لها " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/53). العثيمين هناالموسوعة الشاملة - إرواء الغليل
-وأما المعقول: فهو أن تطليقها ضرار محض، وهو يدل على قصده حرمانها من الإرث، فيعاقب بنقيض قصده، كما يرد قصد القاتل إذا قتل مورثه بحرمانه من الإرث، فترث المرأة حينئذ بسبب الزوجية دفعًا للضرر عنها.
هنا"
ذلك أن الحكمة من توريث المطلقة في هذه الحالة معاملة الزوج بنقيض مقصوده .
ثالثًا : حالة الوفاة بعد طلاق المعقود عليها ولم يبن بها :
ليس لها عِدَّة ، ولا توارث بينهما لأن الزواج لم يعد قائمًا لا حقيقةً ولا حكمًا .
http://www.nsaaem.com/showthread.php?t=98